الصحفي الشامل.. مستقبل الإعلام يبدأ من هنا

في زمن يتسارع فيه إيقاع التقنية، وتتبدل فيه قواعد الإعلام، لم يعد الصحفي مجرد ناقل للحدث، بل أصبح صانعًا للمحتوى، ومهندسًا لرسالةٍ تُخاطب العقل قبل أن تطرق الأذن.

هذا هو المفهوم الذي حملته مبادرة “الصحفي الشامل وتقنيات الذكاء الاصطناعي”، والتي انطلقت من المنطقة الشرقية لتشكل نقطة تحول في مسار التأهيل الإعلامي في المملكة، وتعيد تعريف دور الصحفي بما يليق بعصر الميتافيرس والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.
وفي لحظة رمزية تختصر مسيرة الطموح الوطني، كان الحفل الختامي برعاية وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، الذي شهد تخريج أكثر من 100 إعلامي من مختلف مناطق المملكة، ليكون بمثابة إعلان واضح بأن الإعلام لم يعد يتشكل في قاعات التحرير وحدها، بل في معامل التقنية، ومنصات التدريب، وعقول الشباب.
البرنامج الذي امتد لعدة أسابيع لم يكن مجرد دورة، بل خارطة طريق نحو صناعة إعلامي متكامل يمتلك أدواته من تحرير وتصوير وإخراج وتحليل، ويتقن التفاعل مع الجمهور عبر كافة الوسائط والمنصات. هو برنامج يتجاوز فكرة “التدريب المهني” إلى مشروع وطني يرسم ملامح صحافة جديدة، تضع الذكاء الاصطناعي في خدمة الرسالة، لا بديلاً عنها.
ما يميز هذه المبادرة حقًا هو الشراكة المؤسسية التي وقفت خلفها، فقد تضافرت جهود معهد «اليوم للتدريب»، مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف، وهيئة الصحفيين السعوديين، و بدعم كريم من مؤسسة الوليد بن حمد آل مبارك الأهلية «أهم» .
هذا التآلف لم يكن تنظيميًا فقط، بل جسّد وعيًا عميقًا بأن الإعلام الوطني لا يمكن أن ينمو إلا حين تتكامل المعرفة التقنية مع المهارة الصحفية والرؤية المؤسسية.
وإذا كانت المنطقة الشرقية قد اختيرت لتكون نقطة الانطلاق، فذلك لم يأتِ من فراغ، بل لأنها تمثّل رمزًا للتجدد والإبداع الوطني. إنها الرسالة التي يلتقطها كل من تابع الحفل، حيث بدا واضحًا أن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأذكى، وأن رعاية العقول هي الخطوة الأولى نحو إعلام يُنتج التأثير لا الضجيج.
لم تعد الصحافة مجرد حرفة، بل هي قدرة على صناعة التأثير، وقراءة التحولات، والمشاركة في تشكيل الوعي الجمعي.
وهذه المبادرة، بما تحمله من فكر وتنفيذ واحتراف، ليست سوى بداية لسردية وطنية جديدة، يكون فيها الصحفي الشامل هو العنوان.
ومضة:
هكذا تُكتب الفصول الأولى من إعلام وطني لا يكتفي بالمنافسة، بل يصنع الريادة.

@BinOthman90

اضغط هنا للانتقال الى المقال المنشور في الصحيفة